بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا
نبدأ بأذن الله
ورد في القرآن الكريم تسع وعشرون سورة ا فتُتِحَت بحروف هجائية تُقرأ مقطعةً بأسمائها هكذا : ألف – لام – ميم ..
و كان منها ما افتتح بحرف واحد مثل : ص – ق – ن .
و منها ما افتتح بحرفين مثل : طه – يس .
و منها ما افتتح بثلاثة أحرف مثل : ألم .
و منها ما افتتح بأكثر من ذلك مثل : كهيعص .
و ليس لهذه الحروف في اللغة العربية سوى مسمياتها التي ينطق بها في الكلمات المركبة . و لم يرد من طريق صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -بيان للمـراد منها , و لذلك اختلف أهل العلم فيها اختلافاً كثيراً , و هذه الأراء على كثرتها و تنوعها ترجع إلى رأيين اثنين :
أولاً : أنها جميعاً مما استأثر الله به و لا يعلم معناه أحد سواه و هذا رأي كثيرمن سلف هذه الأمة .
ثانياً : أن لها معنى , و ذهبوا في معناها مذاهب شتى نُثِرت في كتب التفسير و لعل أقرب هذه الآراء إليَّ هي :
أن هذه الأحرف ما هي إلا زيادة في التحدي بالقرآن ,
بمعنى أن هذه الأحرف ليست مادة غريبة عليكم و لا مجهولة لكم , و رغم هذا فأنتم لا يمكن أن تأتوا بمثلها مما يدل على أن هذا القرآن ليس من صنع البشر إنما هو من عند الله تعالى ,
قال عز و جل : { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (البقرة:23)
و قال أيضاً : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } (الاسراء:88) .
و يقول عزو جل: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (هود:13)
{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِين * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ }(الشعراء:192-193-194 )
و يدل قو لـه تعالى : { نزل به الروح الأمين } .
دلالة قطعية على عدة أمور عدة منها :
1- أن هذا القرآن منزل من عند الله تعالى و نزل به الروح الأمين و هو جبريل عليه السلام فأوحاه للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
2- أن هذا القرآن هو من عند الله عز و جل و ليس فيض من نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غير ذلك مما تقول طوائف من الفلاسفة و الملحدين و أمثالهم .
و قد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء عن بعض معاني الآيات مثل ( حم - ألم – ألمص – حم – عسق ) ( الفتوى رقم 6395) فأجابت بما يلي :
فيه آراء للعلماء , و الراجح أنها ذكرت هذه الحروف – و الله أعلم – في أول السور التي ذكرت فيها , بياناً لإعجاز القرآن , و أن الخلق عاجزون عن معارضة بمثله , هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها , و هذا هو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و ارتضاه أبو الحجاج المزي رحمه الله .
و اعلم أخي الفاضل وأختى الفاضله : أننا نبين الحق كما هو فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والله الهادي إلى سواء السبيل .
قال تعالى: { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً }(الكهف:29)
فنحن يا أخوانى لا نملك إلا الحجج الدلائل لمن في قلبه نور ، فنبين لـه الحق فيهديه الله بأذنه
و لا تحزن إن لم يؤمن , فإن آمن فلله الحمد والشكر على هدايته و إن لم يؤمن فان الله جعلك حجة عليه في يوم تشخص فيه الأبصار
اللهم أجعلنا سبباً لمن أهتدى
سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا أله ألا أنت
أستغفرك وأتوب أليك