في نهاية شهر رمضان .. ينزل الصادق الأمين محمد بن عبد الله عليه و على آله الصلاة و السلام مسرعا من غار حراء بجبل النور بمكة و الذي كان قد اعتاد أن يختلي فيه بنفسه كل عام ليعتزل قومه عبدة الأصنام و ليتفكر في خلق السموات و الأرض .. ينزل و هو يرتجف ويعود إلى بيته مرتاعا و يقول دثروني .. دثروني .. فتقول له زوجته الفاضلة أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد ما بك يا ابن العم؟ .. فيقص عليها الرسول صلى الله عليه و سلم ما حدث قائلا }بينما أنا في الغار "غار حراء" اتعبد إذا برجل حسن الثياب حسن المنظر قد أتاني بنمط من ديباج "أي صحيفة من حرير" و أعطانيها قائلا لي "إقرأ" .. قلت "ما أنا بقارئ" أي لا أستطيع القراءة فأنا أمي لا أعرف الكتب .. فأخذني فغطني (ضمني) حتى أخذ مني الجهد .. ثم قال لي "اقرأ" .. فقلت "ما أنا بقارئ" أي لا أستطيع أن اقرأ .. فأخذني فغطني الثانية حتى أخذ مني الجهد .. ثم قال لي "اقرأ" .. فقلت "ما أنا بقارئ" أي لا أستطيع أن اقرأ .. فأخذني فغطني الثالثة حتى أخذ مني الجهد .. فقال لي "اقرأ" فقلت "ماذا اقرأ؟" .. قال "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" .. ثم اختفى .. فنزلت من الغار مسرعا .. فسمعت صوته ينادي علي قائلا "يامحمد إنك نبي الله" فنظرت .. }فإذا به يجلس على كرسي بين السماوات والأرض يملأ بين الخافقين{ .. ثم يكمل النبي محمد بن عبد الله و هو يرتجف فترد عليه أم المؤمنين الكاملة "لا تخف يا ابن العم .. والله لا يخزيك الله أبدا .. إنك لتصل الرحم .. وتُقري الضيف .. وتحمل الكل .. وتُكسب المعدوم .. وتُعين على نوائب الحق" .. وبذكاء لم أرى مثله تستطلع السيدة العاقلة كنه ما رآه زوجها هل هو روح حق "ملاك من عند الله" أم روح رديئ "شيطان" .. فتسأله الزوجة العاقلة الذكية "هل تراه الآن؟" .. فيقول "نعم" .. فتأخذ السيدة خديجة زوجها محمدا وتجلسه على قدميها .. وتسأله "هل تراه الآن؟" .. فيقول "نعم" .. فتكشف السيدة العاقلة عن جزء من صدرها أمام زوجها .. وتقول "هل تراه الآن؟" فيقول "لا" .. حينئذ تتأكد السيدة الفاضلة انه روح حق "ملاك" .. فالملاك حيي و الشيطان ليس كذلك .. ثم تأخذه السيدة العاقلة خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ذلك الرجل الذي يدين بدين المسيح ابن مريم عليه السلام والذي يقرأ التوراة والانجيل وهو عالم بهما لتستطلع الأمر .. فتقول السيدة خديجة لورقة بن نوفل اسمع لابن أخيك .. فيروي الصادق الأمين ما حدث مرة ثانية .. و ورقة بن نوفل يستمع .. ويسترجع ورقة بن نوفل أمامه أكوام البشارات بنبي آخر الزمان الأمي الذي لا يقرأ و سيخرج من بلاد العرب من نسل اسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام .. و الذي بشر به كل الأنبياء من قبل و التي تعج بصفاته التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء جميعا .. ليقول بعدها كلمات من وراءها تاريخ كبير "إن هذا هو الناموس الذي أنزله الله على موسى .. وإنك لنبي آخر الزمان .. ليتني أكون حيا إذا يخرجك قومك .. لأنصرنك نصرا مؤزرا" .. فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا "أو مخرجي هم؟" .. يرد ورقة بن نوفل العالم بهجرة ذلك النبي المذكورة في التوراة و كتب الأنبياء من أسباط بني اسرائيل قائلا "ما أتى رجل بمثل ما أتيت به إلا عودي" .. ثم يدخل ورقة بن نوفل في الإسلام .. و تدخل أمه ايضا في الإسلام و تموت شهيدة في عصر عمر بن الخطاب كما تنبأ لها النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن كانت قد سألته أن تخرج معه للجهاد في سبيل الله لتنال شهادة في سبيل الله .. حقيقة كنت أتساءل كيف عرف ورقة كل هذه المعلومات و هل هو يعلم الغيب؟! .. إلى أن قرأت الكتاب المقدس بنفسي ودرسته لسنوات طويلة .. حينئذ عرفت لماذا نطق ورقة بهذه الكلمات الراسخات .. فالرجل لم يتكلم بكلمة من عنده.
__________________